جلس يترقب بزوغ ضوء يوم جديد ،واطرافه ترتعش متجمدة من شدة البرد،فلم يكن يحسب انه سيقضي ليلته تلك بمكان كهذا..
الجمع حوله بين نيام وشرود،فاطلق العنان لمخيلته يتخيل حال اهله وموقفهم مما هو فيه..فهو يعلم انهم لن يسألوا عن حاله،ان علموا مكانه،لطالما حذروه فلم يرتدع،كان يحسب ان الحظ لن يخذله..لكن شاءت الاقدار ان يغيب هذه المرة.
كان نابغة لذا دلله والده بصباه،لا يصحب غيره اينما حل وارتحل مع ان له من الابناء الذكور اربع ،طلباته دوما مجابة،بيد انه ما ان ظهرت عليه اولى علامات الانحراف حتى امسى منبوذا من طرف الجميع واولهم والده.
شرد بفكره يسترجع احداث مشهد ليلة امس حين جلس يحتسي فنجان قهوة ويدخن سجارة بانجو وبجيبه قطعة صغيرة اضافية منه احتفظ بها ليدخنها قبل النوم،كانت هاته الاخيرة سببا في قلب ملامح حياته الى الابد؛"ماكان يجب ان ابرح البيت بعد عودتي من الورشة"قالها بصوت منخفض اسمع من كان يشاركه غطاءا خشنا مهترئ بزنزانته تلك.
في لحظة نشوة زائفة بعثر ملامح مستقبله وفقد اهله الى الابد.